Ed. Quatremère (1858)ألا ترى إلى أهل الحضر مع أهل البدو، كيف تجد الحضري متحلياً بالذكاء ممتلئاً من الكيس، حتى إن البدوي ليظنة أنه قد فاتة في حقيقة إنسانيته وعقله، وليس كذلك. وما ذاك إلا لإجادته من ملكات الصنائع .والآداب، في العوائد والأحوال الحضرية، ما لا يعرفه البدوي. فلما امتلأ الحضري في الصنائع وملكاتها وحسن تعليمها، ظن كل من قصرعن تلك الملكات أنها لكمال في عقله، وأن نفوس أهل البدو قاصرة بفطرتها وحبلتها عن فطرته، وليس كذلك. فإنا نجد من أهل البدو من هو في أعلى رتبة من الفهم والكمال في عقله وفطرته، وإنما الذي ظهر على أهل الحضر من ذلك فهو رونق الصنائع والتعليم، فإن لهما آثاراً ترجع إلى النفس كما قدمناه. وكذا أهل المشرق لما كانوا في التعليم والصنائع أرسخ رتبة وأعلى قدماً، وكان أهل المغرب أقرب إلى البداوة، لما قدمناه في الفصل قبل هذا، ظن المغفلون في بادئ الرأي أنه لكمال في حقيقة الإنسانية اختصوا به عن أهل المغرب، وليس ذلك بصحيح فتفهمه.
http://www2.hf.uio.no/common/apps/permlink/permlink.php?app=polyglotta&context=record&uid=301a5181-e31c-11e6-9707-0050569f23b2